قصص للرسول (ص) والصحابة

المقدمة:
هذه مجموعة من القصص للرسول صل الله عليه وسلم والصحابة للشيخ محمد يوسف الكاندهلوي
أرجو من الله أن ينفعنا بعلمه ويلحقنا بهم آمين.

باب : التأييدات الغيبية للصحابة:
كيف كان النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه مؤيدين بالتأييدات الغيبية، لما تركوا الأسباب المادية، وتشبثوا بالأسباب الروحانية، وكان هم الصحابة رضي الله عنهم كهمه صل الله عليه وسلم في هداية الأقوام ودعوتهم، وكانوا في الدعوة والجهاد متصفين بأخلاقه وشمائله صل الله عليه وسلم.

أولا: المدد بالملائكة:
إمداد الصحابة بالملائكة يوم بدر:
1
أخرج البيهقي (3/81) عن سهل بن سعد قال: قال أبو أٌسيد رضي الله عنه بعدما ذهب بصره: يا ابن أخي، والله لو كنت أنا وأنت ببدر، ثم أطلق الله بصري لأريتك الشحب الذي خرجت علينا من الملائكة من غير شك ولا تمار.
2
اخرج الطبراني عن عروة قال : نزل جبريل عليه السلام يوم بدر على سيما الزبير وهو معتجر بعمامة صفراء.
قال الهيثمي(6/84).
3
وأخرج أبو النعيم في (الدلائل)(ص170)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم بيض، قد أرسلوها إلى ظهورهم ، ويوم حنين عمائم خضر، ولم تقاتل الملائكة يوما إلا يوم بدر، وإنما كانوا يكثرون عددا ومددا ، لا يضربون.

تكملة امداد الصحابة بالملائكة يوم بدر
اخرج ابن اسحاق عن عكرمة قال: قال ابو رافع مولى رسول الله صل الله عليه وسلم : كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس، وأسلمت أم الفضل، وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه، ويكره خلافهم وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر ، فبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكذلك كانوا صنعوا، لم يتخلف منهم رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش، كبته الله وأخزاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا،قال : وكنت رجلا ضعيفا ، وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس فيها أنحت أقداحي، وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر، إذ أقبل أبولهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري،فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، قال ابن هشام: واسم ابي سفيان المغيرة- قد قدم قال: فقال أبو لهب: هلم إلى، فعندك لعمري الخبر، قال: فجلس إليه والناس قيام عليه،فقال: يا ابن اخي ، كيف كان أمر الناس؟قال:والله ماهو إلا لقينا القوم، فمنحناهم أكتافنا ، لقينا رجالا بيضا على خيل بٌلق بين السماء والأرض ، والله ما تٌليق شيئا، ولا يقوم لها شيء. قال أبو رافع: فرفعت طٌنٌب الحجرة بيدي، ثم قلت: تلك - والله - الملائكة، قال: فرفع أبو لهب يده، فضرب بها وجهي ضربة شديدة، قال: وثاورته، فاحتملني وضرب بي الأرض ثم برك علي يضربني، وكنت رجلا ضعيفا، فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة، فأخذته فضربته به ضربة فلعت في رأسه شجة منكرة، وقالت: استضعفته أن غاب عنه سيده؟ فقام موليا ذليلا،فوالله ما عاش إلا شبع ليال حتى رماه الله بالعدسة، فقتلته.
زاد يونس عن ابي اسحاق: فلقد تركه ابناه بعد موته ثلاثا مادفناه حتى أنتن، وكانت قريش تتقي هذه العدسة كما تتقي الطاعون، حتى قال لهم رجل من قريش : ويحكما ألا تستحيان إن اباكما قد أنتن في بيته لا تدفناه؟ فقالا: إنا نخشى عدوة هذه القرحة، فقال: انطلقا فأنا أعينكما عليه، فوالله ما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يدنون منه، ثم احتملوه إلى أعلى مكة، فأسندوه على جدار ثم رضموا عليه بالحجارة.
كذا في البداية(3/308)، واخرجه ابن سعد في (طبقاته)(4/73).

امداد الصحابة بالملائكة يوم حنين:
اخرج البيهقي عن عوف بن عبد الرحمن مولى أم بٌرثن عمن شهد حنينا كافرا، قال: لما التقينا نحن ورسول الله صل الله عليه وسلم لم يقوموا لنا حلب شاة، فجئنا نهش سيوفنا بين يدي رسول الله صل الله عليه وسلم حتى إذا غشيناه، فإذا بيننا وبينه رجال حسان الوجوه، فقالوا: شاهت الوجوه، فارجعوا، فهزمنا من ذلك الكلام.
كذا في (البداية)( 4/332).
وأخرج ابن اسحاق عن جٌبير بن مٌطعم رضي الله عنه قال: إنا لمع رسول الله صل الله عليه وسلم يوم حنين والناس يقتتلون، إذا نظرت إلى مثل البجاد الأسود يهوي من السماء، حتى وقع بيننا وبين القوم، فإذا نمل منثور قد ملأ الوادي، فلم يكن إلا هزيمة القوم، فما كنا نشك أنها الملائكة.
رواه البيهقي كذا في (البداية)(4/ 334).

امداد الصحابة بالملائكة يوم أُحد ويوم الخندق:
اخرج ابن سعد (3/121) عن عبد الله بن الفضل قال: أعطى رسول الله صل الله عليه وسلم يوم أحٌد مصعب بن عمير رضي الله عنه اللواء، فقٌتل مصعب، فأخذه ملك في صورة مصعب،فجعل رسول الله صل الله عليه وسلم يقول له في آخر النهار،(تقدم يا مصعب). فالتفت إليه الملك فقال: لست بمصعب. فعرف رسول الله صل الله عليه وسلم أنه ملك أٌيد به.

وأخرج أبو نعيم في (الدلائل) (ص128) عن أنس رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى غبار ساطع في سكة بني غنم موكب جبريل عليه السلام، حين سار رسول الله صل الله عليه وسلم إلى بني قريظة.
واخرجه ابن سعد (2/76)عن أنس.
وعنده أيضا(2/77) عن حميد بن هلال، فذكر الحديث بطوله في غزوة بني قريظة ، وفيه قال: موضع رسول الله صل الله عليه وسلم واصحابه السلاح، فجاء جبريل عليه السلام إلى النبي صل الله عليه وسلم ، فخرج إليه فنزل رسول الله صل الله عليه وسلم وهو متساند إلى لبان الفرس، قال: يقول جبريل عليه السلام: ما وضعنا السلاح بعد- وإن الغبار لعاصب على حاجبه- انهد إلى بني قريظة، قال : فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: إن في أصحابي جهدا فلو أنظرتهم أياما، قال: يقول جبريل عليه السلام: انهد إليهم ، لأدخلن فرسي هذا عليهم في حصونهم، ثم لأضعضعنها، قال: فأدبر جبريل عليه السلام ومن معه من الملائكة حتى سطع الغبار في زقاق بني غنم من الأنصار.

أسر الملائكة وقتالهم المشركين:
فعلهم ذلك يوم بدر:
اخرج ابن سعد (4/12) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو أخو بني سلمة،وكان أبو اليسر رجلا مجموعا وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لأبي اليسر( كيف أسرت العباس ياأبا اليسر؟) فقال : يارسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته من قبل ولا بعد، هيئته كذا، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم (لقد أعانك عليه ملك كريم).واخرجه احمد عن ابن عباس.

اخرج مسلم عن ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه،إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول(أقدم حيزوم) فنظر إلى المشرك أمامه قد خر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خُطم أنفه ، وشٌق وجهه، كضربة السوط ، فاخضر ، ذلك أجمع،فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم فقال(صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة) فقتلوا يومئذ سبعين أسروا سبعين.
كذا في (البداية)(3/379).

أسر الملائكة وقتالهم المشركين:
فعلهم ذلك يوم بدر:2
واخرج ايضا مسلم عن رجل من بني غفار قال: اقبلت أنا وابن عم لي،حتى صعدنا على جبل يشرف بنا على بدر، ونحن مشركان، ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة، فننهب مع من ينهب، قال: فبينا نحن في الجبل، إذ دنت منا سحابة، فسمعنا فيها حمحمة الخيل، فسمعت قائلا يقول (أقدم حيزوم)، قال : فأما ابن عمي فكٌشف قناع قلبه، فمات مكانه،وأما أنا فكدت أن أهلك، فتماسكت.

واخرج أبو نعيم في (الدلائل) (ص164) عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صل الله عليه وسلم في غزاة، فلقى العدو ، فسمعته يقول(يامالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين) فلقد رأيت الرجل تصرع، تضربها الملائكة من بين أيديها ومن خلفها.

واخرج البيهقي (6/5556) عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه، قال: يابني ، لقد رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا ليشير إلى رأس المشرك ، فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف . كذا في ( البداية) (3/ 281).

أسر الملائكة وقتالهم المشركين:
فعلهم ذلك يوم بدر:3
اخرج الطبراني في (الأوسط) عن سهل بن أبي حثمة أن أبا برزة الحارثي رضي الله عنهما ،جاء يوم بدر بثلاثة رؤوس يحملها إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صل الله عليه وسلم قال( ظفرت يمينك)، قال : يارسول الله ، أما اثنان فأنا قتلتهما، وأما الآخر، فرأيت رجلا أبيض جميلا حسن الوجه ضرب رأسه، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم (ذاك فلان) ملك من الملائكة.
قال اليهثمي(6/83).

واخرج الطبراني (3/3385) والبزار (1792) عن محمود بن لبيد قال: قال الحارث بن الصمة رضي الله عنه: سألني رسول الله صل الله عليه وسلم وهو في الشعب(هل رأيت عبد الرحمن بن عوف؟) قلت : نعم يارسول الله ، رأيته على جر الجبل، وعليه عسكر من المشركين ، فهويت فرأيتك ، فعدلت إليك، فقال النبي صل الله عليه وسلم (أما إن الملائكة تقاتل معه) . قال الحارث: فرجعت إلى عبد الرحمن فأخذ بين نفر سبعة صرعى، فقلت له : ظفرت يمينك، أكل هؤلاء قتلت؟ ، قال : أما هذا-لأرطاة بن (عبد) شرحبيل_ وهذا فأنا قتلتهما، وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره، قلت: صدق الله ورسوله.
قال الهيثمي(6/114).

إيذاء جبريل للمستهزين بمكة:
اخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صل الله عليه وسلم على أناس بمكة، فجعلوا يغمزون في قفاه، ويقولون: هذا الذي زعم أنه نبي ومعه جبريل، فغمز جبريل بأصبعه،فوقع مثل الظٌفر في أجسادهم فصارت قروحا، حتى نتنوا، فلم يستطع أحد أن يدنو منهم، فأنزل الله عز وجل (إنا كفيناك المستهزئين)(الحجر ) .

وعند الطبراني في (الأوسط) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المستهزئين: الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب أبو زمعة من بني أسد بن عبد العزى،والحارث بن عطيل السهمي، والعاصي بن وائل السهمي،فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم إليه الرسول صل الله عليه وسلم ،فأراه الوليد بن المغيرة، فأشار إلى أبجله فقال( ماصنعت شيئا)؟ فقال : أكفيتٌكه، ثم أراه الحارث بن عيطل السهمي، فأومأ إلى أخمصه ، فقال(ما صنعت شيئا)؟ فقال: أكفيتٌكه،فأما الوليد بن المغيرة، فمر برجل من خزاعة ، وهو يريش نبلا له،فأصاب أبجله فقطعها، وأما الأسود بن المطلب فعمى، فمنهم من يقول عمى هكذا،ومنهم من يقول نزل تحت شجرة ، فجعل يقول: يابني ألا تدفعون عني قد هلكت، أٌطعن بالشوك في عيني، فجعل يقولون: مانرى شيئا،فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه، وأما الأسود بن عبد يغوث ، فخرجت في رأسه قروح فمات منها، وأما الحارث بن عيطل فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خٌرؤه من فيه فمات، وأما العاصي بن وائل فبينا هو كذلك دخلت في رجله شبرقة امتلأت منها فمات.
قال الهيثمي(7/47).

إغاثة ملك للصحابي أبي معلق:
أخرج ابن ابي الدنيا في كتاب (مجابي الدعوة) عن أني بن مالك رضي الله عنه قال: كان رجل من اصحاب النبي صل الله عليه وسلم يٌكنى أبا معلق،وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره، وكان له نٌسٌك وورع، فخرج مرة، فلقيه لص متقنع في السلاح، فقال: ضع متاعك فإني قاتلك، قال: شأنك بالمال، قال: لست أريد إلا دمك، قال: فذرني أصل،قال: صل ما بدا لك، فتوضأ ثم صلى، فكان من دعائه: ياودود،ياذا العرش المجيد،يافعالا لما يريد،أسألك بعزتك التي لا تٌرام،وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك، أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني، قالها ثلاثا، فإذا هو بفارس، بيده حربه رافعها بين أذني فرسه،فطعن اللص فقتله، ثم أقبل على التاجر،فقال : من أنت؟ فقد أغاثني الله بك، قال: إني ملك من أهل السماء الرابعة،لما دعوت سمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت ثانيا فسمعت لأهل السماء ضجة،ثم دعوت ثالثا فقيل: دعاء مكروب، فسألت الله أن يوليني قتله،ثم قال:أبشر واعلم أنه من توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب.

إغاثة ملك لزيد بن حارثة:
اخرج ابن عبد البر في (الاستيعاب)(1/548) عن الليث بن سعد ، قال: بلغني أن زيد بن حارثة رضي الله عنه اكترى من رجل بغلا من الطائف، و اشترط عليه المٌكرى أن ينزله حيث شاء، فمال به إلى خربة، فقال له : انزل، فنزل، فإذا في الخربة قتلى كثيرة، قال : فلما أراد أن يقتله،قال له : دعنى أصل ركعتين، قال: صل، فقد صلى قبلك هؤلاء، فلم تنفعهم صلاتهم شيئا، قال: فلما صليت أتاني ليقتلني،،فقلت : ياارحم الراحمين،، قال: فسمع صوتا : لا تقتله، فهاب ذلك،فخرج يطلب فلم يجد شيئا،فرجع إلى فناديت: يا ارحم الراحمين، فعل ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس، في يده حربة حديد،في رأسها شعلة من نار،فطعنه بها فأنفذه من ظهره، فوقع ميتا، ثم قال لي: لما دعوت في المرة الأولى(يا ارحم الراحمين) كنت في السماء السابعة،فلما دعوت المرة الثانية(ياارحم الراحمين) كنت في سماء الدنيا، فلما دعوت في المرة الثالثة(ياارحم الراحمين) أتيتك.

رؤيتهم الملائكة:
رؤية عائشة وبعض الأنصار لجبريل عليه السلام:
اخرج ابو نعيم في (الدلائل) عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صل الله عليه وسلم سمع صوت رجل، فوثب وثبة شديدة وخرج إليه، قالت: فاتبعته النظر،فإذا هو متكيء على عٌزف برذونه، وإذا هو دحية الكلبي رضي الله عنه فيما كنت أرى، وإذا هو مٌعتم مٌرخ عمامته بين كتفيه، فلما دخل على رسول الله صل الله عليه وسلم قلت: لقد وثبت وثبة شديدة، ثم خرجت أنظره فإذا هو دحية الكلبي، قال(أورأيته؟) قلت :نعم، قال( ذلك جبريل عليه السلام أمرني أن أخرج إلى بني قريظة).

رؤية أنصاري لجبريل وكلامه معه:
اخرج البزار والطبراني (12/12321) عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: عاد رسول الله صل الله عليه وسلم رجلا من الأنصار، فلما دنا من منزله سمعه يتكلم في الداخل، فلما استأذن عليه، دخل (عليه) فلم ير أحدا،فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم سمعت تكلم غيرك) قال: (يا رسول الله، لقد دخلت الداخل اغتماما بكلام الناس مما بي من الحمى، فدخل علي داخل، ما رأيت رجلا (قط) بعدك أكرم مجلسا، ولا أحسن حديثا منه، قال: ( ذاك جبريل، وإن منكم لرجالا لو أن أحدهم يٌقسم على الله لأبره).

رؤيتهم الملائكة:
رؤية عبد الله بن عباس لجبريل عند النبي عليهما السلام:
اخرج احمد والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت مع أبي عند رسول الله صل الله عليه وسلم ، وعنده رجل يناجيه، فكان كالمعرض عن أبي، فخرجنا من عنده ،فقال أبي: أي بني، ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني؟، فقلت : ياأبت، إنه كان عنده رجل يناجيه، قال: فرحنا إلى النبي صل الله عليه وسلم ، فقال أبي: يا رسول الله ، قلت لعبد الله كذا وكذا، فأخبرني أنه كان عندك رجل يناجيك،فهل كان عندك أحد؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم وهل رأيته يا عبد الله؟) قلت : نعم، قال فإن ذلك جبريل عليه السلام هو الذي شغلني عنك)

رؤيتهم الملائكة:
رؤية العرباض بن سارية لملك في مسجد دمشق
أخرج الطبراني(18/616) عن عروة بن رويم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه ، وكان شيخا كبيرا من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم ، وكان يحب أن يُقبض، كان يدعو: اللهم كبرت سني، ورق عظمي، فاقبضني إليك،، قال : فبينا أنا يوما في مسجد دمشق،إذا فتى شاب من أجمل الرجال، وعليه دواج أخضر، فقال: ماهذا الذي تدعو به؟ فقلت: كيف أدعو ياابن أخي؟ قال: قل اللهم حسن العمل، وبلغ الأجل، قلت : من أنت يرحمك الله ؟ ، قال: أنا ريبائيل الذي يسلٌ الحزن من قلوب المؤمنين.

سلام الملائكة عليهم ومصافحتهم:
اخرج الحاكم (3/472) عن مطٌرف بن عبد الله عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، أنه قال: اعلم يامٌطرف ، أنه كان تسلم الملائكة على عند رأسي، وعند البيت، وعند باب الحجر، فلما اكتويت ذهب ذلك، فلما برئ كلمه، قال: اعلم يا مٌطرف، أنه عاد إلى الذي كنت أفقد، اكتم على يا مٌطرف حتى أموت.

الخطاب مع الملائكة:
اخرج ابو نعيم في (الحلية)(1/204) عن سلم بن عطية الأسدي، قال: دخل سلمان رضي الله عنه على رجل يعوده وهو في النزع، فقال: أيها الملك، أرفق به، قال: يقول الرجل: إنه يقول: إني بكل مؤمن رفيق.

سماع كلام الملائكة:
اخرج ابن ابي الدنيا في كتاب (الذكر) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال أٌبي بن كعب رضي الله عنه : لأدخلن المسجد، فلأصلين، ولأحمدن الله بمحامد لم يحمد بها أحد، فلما صلى وجلس ليحمد الله ويثني عليه ، فإذا هو بصوت عال من خلفه، يقول:اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله ، وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره، لك الحمد، إنك على كل شيء قدير، اغفر لي ما مضى من ذنوبي،واعصمني فيما بقى من عمري، وارزقني أعمالا زاكية ترضى بها عني، وتب علي،فأتى رسول الله صل الله عليه وسلم فقص عليه ، فقال( ذاك جبريل عليه السلام).

تكلم الملائكة على لسانهم
تكلم الملائكة على لسان عمر رضي الله عنه
اخرج الطبراني في( الاوسط) عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( من أبغض عمر فقد أبغضني،ومن أحب عمر فقد أحبني، وإن الله باهي بالناس عشية عرفة عامة، وباهى بعمر خاصة،وإنه لم يبعث الله نبيا إلا كان في أمته مٌحدث، وإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر)قالوا: يارسول الله ، كيف مٌحدث؟ قال( تتكلم الملائكة على لسانه) .
قال الهيثمي(9/69)

تكلم الملائكة على لسان أبي مفزز في حصار بهرسير:
اخرج ابن جرير في (تاريخه)(3/118) عن أنس بن الحٌليس قال : بينا نحن محاصرو بٌهرسير بعد زحفهم وهزيمتهم، أشرف علينا رسول فقال: إن الملك يقول لكم، هل لكم إلى المصالحة، على أن لنا مايلينا من دجلة وجبلنا، ولكم مايليكم من دجلة إلى جبلكم؟ أما شبعتم_لا أشبع الله بطونكم.؟ ، فبدر الناس أبو مفزز الأسود بن قطبة، وقد أنطقه الله بما لا يدري ماهو،ولانحن، فرجع الرجل ورأيناهم يقطعون إلى المدائن ،فقلنا: يا أبا مفزز، ما قلت له ؟ فقال: لا والذي بعث محمدا بالحق ماأدري ماهو إلا أن على سكينة، وأنا أرجو أن أكون قد أٌنطقت بالذي هو خير،وانتاب الناس يسألونه حتى سمع بذلك سعد، فجاءنا فقال: ياأبا مفزز، ماقلت؟ فو الله إنهم لهٌراب. فحدثه بمثل حديثه إيانا، فنادى في الناس، ثم نهد بهم وإن مجانيقنا لتخطر عليهم، فما ظهر على المدينة أحد،، ولا خرج إلينا إلا رجل نادى بالأمان، فآمناه،فقال: إن بقى فيها أحد فما يمنعكم، فتسورها الرجال، وافتتحناها، فما وجدنا فيها شيئا،ولا أحدا، إلا أسارى أسرناهم خارجا منها، فسألناهم وذلك الرجل: لأي شيء هربوا؟ فقالوا: بعث الملك إليكم يعرض عليكم الصلح، فأجبتموه بأنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبدا حتى نأكل عسل أفريذين بأٌترج كٌوثي، فقال الملك : واويله، ألا إن الملائكة تكلم على ألسنتهم، برد علينا، وتجيبنا عن العرب، والله لئن لم يكن كذلك ، ماهذا إلا شيء أٌلقي على في هذا الرجل لننتهي، فأرزوا إلى المدينة القصوى.

نزول الملائكة لقرآنهم
اخرج البخاري ومسلم -واللفظ له- عن ابي سعيد الخدري، أن أٌسيد بن حٌضير رضي الله عنه ، بينما هو في ليلة يقرأ في مربده،إذ جالت فرسه فقرأ، ثم جالت أخرى فقرأ، ثم جالت أخرى ايضا، قال أٌسيد: فخشيت أن تطأ يحيى، فقمت إليها، فإذا مثل الظٌلة فوق رأسي،فيها أمثال السٌرج، عرجت في الجو حتى ما أراها، قال:فغدوت على رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقلت : يارسول الله ، بينما أنا البارحة في جوف الليل أقرأ في مربدي، إذ جالت فرسي، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ( اقرأ ابن حضير) قال: فقرأت: ثم جالت أيضا،فقال رسول الله صل الله عليه وسلم (اقرأ ابن حضير)، قال : فقرأت، ثم جالت أيضا، ثم قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( اقرأ ابن حضير) ،قال: فانصرفت وكان يحيى قريبا منها ، خشيت أن تطأه، فرأيت مثل الظٌلة، فيها أمثال السُرج، عرجت في الجو حتى ما أراها ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ( تلك الملائكة (كانت) تستمع لك ، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ماتستتر منهم) .

تولي الملائكة غسل جنائزهم:
غسل الملائكة حنظلة الشهيد رضي الله عنه:
اخرج أبو نعيم في (الحلية)(1/357) عن محمود بن لبيد عن حنظلة بن أبي عامر أخي بني عمرو بن عوف رضي الله عنه، أنه التقى هو وأبو سفيان بن حرب يوم أٌحد، فلما استعلاه حنظلة ، رآه شداد بن الأسود، وكان يقول: ابن شعوب_ قد علا _ ابا سفيان، فضربه شداد فقتله، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ( إن صاحبكم -يعني حنظلة- لتغسله الملائكة فسألوا أهله ماشأنه) فسئلت صاحبته ، فقالت: خرج وهو جنٌب حين سمع الهاتفة، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم (لذلك غسلته الملائكة).

غسل الملائكة سعد بن معاذ:
اخرج ابن سعد (3/427) عن محمود بن لبيد، قال: لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق، فثقل، حولوه عند امرأة يقال لها : رٌفيدة، -فذكر الحديث وفيه : فخرج الرسول صل الله عليه وسلم وخرجنا معه، فأسرع المشي حتى تقطعت شٌسوع نعالنا، وسقطت أرديتنا عن أعناقنا، فشكا ذلك إليه أصحابه: يارسول الله ، اتعبتنا في المشي، فقال( إني أخاف أن تسبقنا الملائكة إليه ، فتغسله كما غسلت حنظلة).

حفاوة الملائكة بجنائزهم
حفاوتهم بوالد جابر رضي الله عنهما:
اخرج الشيخان عن جابر رضي الله عنه ، أنه لما قتل أبوه جعل يكشف عن (وجهه) الثوب ويبكي ، فنهاه الناس، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ( تبكيه أو لا تبكيه، لم تزل الملائكة تظله (بأجنحتها) حتى رفعتموه.

حفاوتهم بسعد بن معاذ:
اخرج ابن سعد (3/428)عن سلمة بن أسلم رضي الله عنه، قال : رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم ، ونحن على الباب نريد أن ندخل على أثره، فدخل رسول الله صل الله عليه وسلم وما في أحد إلا سعد مٌسجي، قال: فرأيته يتخطى، فلما رأيته وقفت وأومأ إلي: قف، فوقفت ورددت من ورائي، وجلس ساعة، ثم خرج، فقلت : يارسول الله ، مارأيت أحدا، وقد رأيتك تتخطى، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ( ما قدرت على مجلس، حتى قبض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه، فجلست) ورسول الله صل الله عليه وسلم يقول( هنيئا لك أبا عمرو، هنيئا لك أبا عمرو، هنيئا لك أبا عمرو).

واخرج البزار( 2698) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( لقد نزل لسعد بن معاذ سبعون ألف ملك، ما وطئوا الأرض قبلها) وقال حين دفن( سبحان الله ، لو انفلت أحد من ضغطه القبر، لا نفلت منها سعد).

رعبهم في قلوب الأعداء
رعب معاوية بن حيدة
اخرج الطبراني في (الاوسط) عن معاوية بن حيدة القٌشيري قال: أتيت النبي صل الله عليه وسلم ، فلما دٌفعت إليه قال أما إني قد سألت الله أن يغنيني بالسنة تحفيكم، وبالرعب يجعله في قلوبكم) . فقال بيديه جميعا: أما إني قد حلفت هكذا، وهكذا، أن لا أومن بك، ولا أتبعك ، فما زالت السنة تحفيني، ومازال الرعب يٌجعل في قلبي قمت بين بيديك .
قال الهيثمي(6/66).

رعب المشركين يوم حٌنين:
اخرج البيهقي عن السائب بن يسار، عن يزيد بن عامر السٌوائي،قال: فنحن نسأله عن الرعب الذي ألقى الله في قلوب المشركين يوم حنين، كيف كان؟ قال: فكان يأخذ لنا بحصاة فيرمي بها في الطست،فيطن، قال: كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.
كذا في( البداية) (4/333).